الاثنين، 21 نوفمبر 2011

إن لم تكن لي المحبة


إن لم تكن لي المحبة ،  إذن أكون كريشة بمهب الريح ، تتقاذفني الى حيث لا أشاء ، لأني أكون قد فقدت الإرادة الصالحة المنبعثة عن المحبة ، وأكون مجرد جسد عديم الروح ، عديم الحياة ، التي لا تعيش إلا بنسمات المحبة الرقيقة ، والتي تفقد معناها إن هي فقدت المحبة وتصبح متاهة مضللة ، لأن مشعلها الذي يقودها الى سواء السبيل يكون قد خلا من الزيت .

إن لم تكن لي المحبة ، فأنا لست بشيء ولئن جمعتُ كنوز الدنيا ولست أعظم من سليمان وأبهى من زنابق الحقل .
إن لم تكن لي المحبة  ، فأنا لا أعرف للأنسانية معنى ً ، وإن جهلت هذا أكون قد جهلت ذاتي وكياني ، وإن جهلت ذاتي ، ترى ماذا أكون ..؟


لا أكون سوى نحاس يطن أو صنجٌ يرن ، وهل لطنين النحاس قيمة ..؟ وهل لرنين الصنج ثبات أم إنه يتلاشى في طيات الفضاء اللامتناهي .

إن لم تكن لي المحبة  ، فأنا وحيد ٌ في هذا الكون رغم إنه يعج بمليارات من البشر ، لا أخٌ يسندني ولا صديقٌ يواسيني في محنتي أويشاركني أفراحي أو يداوي جراحي ، ويخفف عني هموم الحياة ، وما أكثرها ، أو يسيقيني كاس ماء بارد في عطشي ن أو يخفف من وطأة وحشة وحدتي .

إن لم تكن لي المحبة ، فهل أكون إنساناً حقاً ، ذاك الذي أجملوه بأصغريه بقلبه ولسانه ، والقلب لا يكون حياً ومعافى إن لم تملأُه المحبة ، واللسان لا يكون نزيهاً مستقيماً إن لم يرد دوماً ويترجم أحرف كلمة ( المحبة ) أي بترديد هذه الكلمة يكون ذكر الله الذي شاء أن يوصف بأنه محبة .

إن لم تكن لي المحبة ، فأنا بعيد عن معرفة المحبة وبعيد عن مفاهيم العطاء لأن المحبة بذلٌ وعطاء ، ولا أعتبرتُ الله كما أعتبره الآخرون متسلطاً يتحكم بقسوة في رقاب البشر بعيداً عما ينتابهم من محن مريرة وتجارب قاسية آليمة لا يأبه لبؤس النسان وشقائه لا بل  قد يسرُ بذلك .

ولتخيلته ُ إنساناً يحصد من حيث لم يزرع ويجمع من حيث لم يحصد (( متى 25 : 24 )
لكن المحبة علمتني إن الله رحيم رؤوف بالعباد .

إن لم تكن لي المحبة  ، لما أدركت معنى الرفق وقيمة الصبر وهما من صميم تعاليم يسوع ، فهي التي قادتني إلى معرفة الرفق لكونها ترفق وتتأنى وعلمتني كيف أصبر على محنة وإساءة ، لأنها تصبر على كل شيء وتصفح عن كل شيء .

وبالصبر أكون قد أقتنيت ُ نفسي ( بصبركم تقتنون أنفسكم ( لوقا 21 : 19 )
إن لم تكن لي المحبة فأنا جاهلٌ وأمي أفقه من شؤون الحياة شيئاً ولئن كان لي العالم كله وأكتنزت المعرفة كلها ، وسابقى كذلك إن لم أتعلم كيف أحب المحبة . تلك التي تغمرني بحنو أمومتها ، أحبُ أمتي ووطني ، أحب ُ أخي في الأنسانية وأخلص الود لكل واحد .

لو لم تكن لي المحبة ، فأنا معرض ٌ لكل فعل سيء وتصرف غير حكيم للحسد لكبرياء لسوء الظن ، للظلم لعدم التسامح .

فيالروعة الحياة مع المحبة ، ويالبهجتها عندما يرسي الناس أعمالها وتصرفاتهم على قاعدتها الراسخة . آمين

الأب القس
كوركيس


Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق