الأربعاء، 30 مايو 2012

السلام المسيحي الحقيقي



السلام هو صفة لله، له قيمة روحية وأخلاقية هامة في حياة كل فرد ومجتمع، وما أحوجنا الى السلام في عالم اليوم الذي تسوده الكراهية والخصومات والحروب والنزاعات.
وبدلا" من السعي إلى المصالحة مع الله والناس والنفس والتمتع بالسلام نرى الناس يسرعون الى حل المشكلات بالقوة والعنف مما يجعل دائرة العنف والبغضاء والحروب تزداد وتتسع.
عندما ولد السيد المسيح تهللت الملائكة بالتسبيح{لقد ظهر مع الملائكة جمهور من الجند السماوي مسبحين الله وقائلين؛ المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة} لو13:2-14

لقد قال السيد المسيح {سلاما، اترك لكم سلامي، أعطيكم ليس كما يعطي العالم، أعطيكم أنا لا تضطرب قلوبكم ولا ترهب{
(يو14: 27)
 إنه لا يقدم السلام كما يقدمه العالم، لأن ما يعطيه العالم يمس الجسد ويُحد بالزمان والمكان، أما سلام المسيح فيحتضن كيان الإنسان كله، ولا يقدر زمن ما أو مكان ما أن يحده.

إن سلام المسيح هو سلام أبدي، ليس من قوة تقدر أن تنزعه عن الإنسان المتمسك به. سلام العالم قد يدفع الإنسان إلى الخطية، سواء من جهة الملذات أو الكبرياء، أما سلام المسيح فهو عمل النعمة الغنية التي تحفظ الإنسان في القداسة والبر.
كلما اقتربنا من الله بالتوبة وحياة الفضيلة والبر والتقوى، ساد السلام والمحبة والرحمة والحكمة في مواجهة المشاكل وحلها بالطرق السلمية.
أن تحقيق هذا السلام في واقع الحياة ليس بالأمر الهين، فهو يتطلب توفر الإرادة الطيبة وبذل كل الجهود وكل المساعي الكبيرة والكثيرة والدائمة.
يجب أن نقبل الآخر وأن نعترف بحقوقه وأن ننشر ثقافة السلام والتعاون والمحبة بدلاً من العنف.
لقد دعانا الأب السماوي لصنع السلام مع الغير والسعي إليه لنكون أبناء لله {طوبى لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يدعون }(مت 5 : 9).

كل إنسان غالٍ وعزيز على قلب الله وهو يريد سلامنا وخيرنا وهذا ما فعله ويفعله بأقواله وأفعاله.
الإنسان الذي يحيا في حياة الخطية والإثم وعدم الإيمان، يبتعد عن الله ويحيا في خصومة مع الغير ولا يجد السلام الداخلي {لا سلام قال الرب للأشرار} (اش 48 : 22).

أما الإنسان التائب المؤمن بالله فيحيا في سلام {فإذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح }(رو 5 : 1).

ونعمل ليقوي الله إيماننا به ويزيد من رجائنا فيه وتشتد محبتنا له فنحيا معه في سلام واثقين بوجوده معنا وأننا لسنا وحيدين.
بل نثق أن الله معنا ويعتني بنا وان كان الله معنا فمن علينا.
أن الله هو القوة القادرة على كل شيء، التي تساندنا في الضعف وتنزع عنا كل خوف، والتي كلها حب وعدل، وهي تعمل الخير للجميع، وإذ نطمئن إلى هذه القوة الإلهية الحافظة، تمتلئ قلوبنا سلاماً، ولا نقلق أو نخاف.
لقد دعانا السيد المسيح لنكون صناع سلام حتى نكون أبناء الله ملك السلام، فهل نحن ندرك أهمية هذه الدعوة في عالم مليء بالصراعات يجب أن نكف عن الشر ونقابله بالخير ونحيا المحبة الأخوية للجميع لكي نتمتع بالسلام، من أراد أن يحب الحياة ويرى أياماً صالحة فليكفف لسانه عن الشر ويصنع الخير ليطلب السلام ويجد في أثره.
لهذا يوصينا الإنجيل أن نتبع البر والإيمان والسلام والمحبة في تعاون واحترام للغير ولا نشترك حتى في المجادلات الغبية مع الآخرين.
علينا أن نحيا في تفاهم واحترام مع الغير سواء في الأسرة أو الكنيسة أو المجتمع، ونقدم الخير للكل، ونحرص على مشاعر كل مَن نتعامل معه ونعالج كل أمورنا بالحكمة والدعوة الى السلام وعلى قدر طاقتنا نسالم جميع الناس.
دعانا السيد المسيح الى محبة الجميع وبهذا نحيا في سلام ونصل بالمحبة حتى الى الأعداء { سمعتم انه قيل تحب قريبك وتبغض عدوك. وأما أنا فأقول لكم أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم أحسنوا إلى مبغضيكم وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم، لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السماوات.{
إذا" لنحب المحبة ونغفر، وهذا يحول الأعداء إلى أصدقاء يجب أن نكون أقوياء القلب ولا نفقد سلامنا أمام المشاكل والضيقات. ليكن لنا إذا سلام الإيمان الواثق ولا نخاف شيء.
إن الطريق المؤدي إلى السلام هو الطريق الذي يجعل القلب يتغير ويتبدل ويمتلئ حباً بدلاً من البغض، وعطفاً بدلاً من الانتقام، وحكمةً بدلاً من الجهل، وتواضعاً بدلاً من الشموخ والكبرياء .... آمين

الشماس/ أمان توما بهنام

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق