الاثنين، 2 أبريل 2012

السلام بناء العلاقة


إن إقرار العلاقة بين بني البشر على أساس من السلم والعدل والطمأنينة ينهض عليها بناء السلام الاجتماعي سليماً راسخ الأركان لا يلتفت من خلال هذه العلاقة إلى تفضيل فرد على فرد أو طبقة على طبقة أو إيثار جماعة على جماعة ولا تمييز حاكم على محكوم كلهم عباد الله والكل أمامه سواء الأسود منهم والأبيض وإقرار السلام بينهم بالحوار والإقناع وإيجاد المساحات المشتركة بين مختلف الآراء والمذاهب .
و وسيلتنا في ذلك التفاهم بيننا لا بالتعسف والجور ولا بالكبت والإجبار ولا بالقسوة والجبروت ولا بالخوف والإذلال ولكن بالرضي والقبول تنبثق من أعماق الضمير ويكون بذلك رافداً راسخاً في صناعة الاستقرار وتكون حلقة من تلك الحلقات في السلام الشامل العادل بين الشعوب وتكون سلسلة متماسكة ومترابطة لا تزعزعها الأهواء . لأنها آن ذاك تستمد عدالتها من الأواصر المشتركة بين كل الأطراف والآراء ويتفانى الجميع من أجلها وتبذل الغالي والنفيس من أجل تحقيقها وتجسيدها في الواقع وبذلك نستطيع القول بأننا صنعنا حراساً للسلام يتعبد أحدنا بحفظه ويتقرب إلى الله بتحقيقه ، والسلام لا يكون دون من يحمله و يعشقه وهذا ما أوكله الله للبشرية في كتابه العزيز حيث قال : ( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنياً أو فقيراً فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا ) .

وما أروع حين نسمع قوله تعالى : ( قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين ليهدي به الله من إتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم ) . وما أدق هذا التعبير وأصدقه إنه ( السلام ) في الحياة كلها سلام الفرد ليكون صالحاً ، وسلام الجماعة لتكون عاملة وساعية للخير ، وسلام العالم ليكون آمناً مطمئناً ، وسلام الضمير ليكون مراقباً على ولجات القلب والوجدان ، وسلام العقل ليتدبر معاني الخير والوئام ، وسلام الجوارح ليكون حارساً لا محروساً ، وسلام البيت والأسرة تصنع للناس الأجيال والرجال ، وسلام المجتمع البشري نبراسها الوحدة والإخاء ، سبل السلام كلها في هذه الجوانب جميعها .
ولا يدرك عمق هذه الحقيقة كما يدركها من ذاق سبل الحرب في الجاهليات القديمة والحديثة وما أحوجنا نحن الآن أن ندرك هذه الحقيقة بكل أعماقها ، والجاهلية من حولنا ومن بيننا تذيق البشرية الويلات ، فأية صفقة خاسرة هذه التي نستبدل فيها الذي هو أدنى بالذي هو خير ، ونؤثر فيها الحرب على السلام .

الشيخ سامال جبار البازياني

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق